تجربتي أثناء استلام بطاقة المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة في لبنان

شعرت للحظة أن العاملين في المطعم يتصدقون علينا بوجوه عابسة أثناء تناولهم الطعام، وتبادل الأحاديث الصباحية. تجربة عاشها اللاجئين السوريين
شعرت للحظة أن العاملين في المطعم يتصدقون علينا بوجوه عابسة أثناء تناولهم الطعام، وتبادل الأحاديث الصباحية. تجربة عاشها اللاجئين السوريين

تجربتي في مركز الاستلام للحصول على بطاقة المساعدات الإنسانية الحمراء المقدمة من الأمم المتحدة إلى اللاجئين في لبنان، تركت أثراً عميقاً وملموساً على نظرتي للحياة والسلوكيات. لا يمكن تجاوز الإحساس بعدم الاحترام والتقصير الذي لم أتوقعه في مثل هذا المكان المكرس لتلبية الاحتياجات الإنسانية لمن يواجهون أشد الظروف على الصعد كافة. هذه التجربة لم تكن مجرد زيارة عابرة، بل كانت تجربة تعليمية وتفكيرية تمنحني فرصة لإعادة التفكير في مفاهيم الخدمة العامة وضرورة الالتزام بالمهنية والاحترام أثناء تقديم الخدمات للآخرين.

English

ما أثر في نفسي أيضاً هو تجربة الرؤية الواقعية لعدم احترام الوقت واستنزاف التمويل والتقصير في تقديم الدعم اللائق للأفراد الذين يعتمدون على هذه الخدمات لتحسين ظروف حياتهم المعقدة، من بينهم اللاجئين السوريين. كانت لحظات الصمت والاستسلام أمام مشهد موظفة تجلس ممددة على كرسيها وجهاز الكمبيوتر أمامها، بينما انحنيت لتقديم شيفرة رقم ملفي؛ لحظات معبرة عن قلة الالتزام وقلة الاحترام.

في 16 أغسطس 2023، وبالتحديد الساعة 10:30 صباحاً، تواجدت داخل ملعب لكرة السلة في منطقة برج حمود من أجل استلام بطاقة المساعدات الإنسانية الحمراء. عند دخولي إلى المركز، وبعد استلامي لرقم الدور، توجهت نحو مكتب الاستقبال حيث كانت تتواجد سيدتان تمثلان مؤسسة شيلد وهي منظمة غير ربحية. تألقت سيدة ذات الشعر الأسود بمستوى رفيع من التهذيب والالتزام. في المقابل، كانت زميلتها ذات الشعر الأشقر تجلس وظهرها مشدود على كرسيها - ممددة على الكرسي تماماً، وأمامها جهاز كمبيوتر محمول. عندما تقدمت لتسليمها الشيفرة التي تحمل رقم ملفي، اضطررت أن أنحني إلى الأمام فوق الطاولة وأمد يدي فوق جهاز الكمبيوتر. في الوقت نفسه، اكتفت هي بمد يدها، دون القيام بأي مجهود - الإبقاء على وضعية التمدد وظهرها ملتصق على الكرسي.

بعد ذلك، وبينما كنت في مرحلة استلام بطاقة المساعدات الإنسانية الحمراء، شعرت للحظة بأنني قد دخلت إلى مطعم، والعاملون فيه يتصدقون علينا وليس يحصلون على مرتباتهم بذريعة مساعدتنا. في مشهد غير مألوف، رأيت نصف الموظفين العاملين تحت اسم منظمتين غير ربحيتين، شيلد ومؤسسة مخزومي، يتناولون وجباتهم ويشربون العصير بثقة. بالإضافة إلى ذلك، رأيت ثلاث سيدات جالسات عند طاولة جانبية بالقرب من شعار برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، وهن يتبادلن الحديث ويرشفن القهوة بهدوء، بينما يضعن رجل على رجل.

تلك المشاهد لا تخلو من التقصير في الالتزام بالسلوك المهني ونقص في الاحترام تجاه الأشخاص الذين يأتون للحصول على الخدمات الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، لاحظت أن بعض الموظفين يكتفون بتصفح هواتفهم المحمولة بدلاً من تقديم الدعم والخدمة الملائمة - كما لو أنه ليس لهم عملاً.

أعتقد أن هذه التجربة تسلط الضوء على أهمية تعزيز الثقافة المهنية والاحترام في بيئات العمل والخدمات العامة. لهذا السبب، يجب توفير بيئات عمل مهنية تحترم وتقدر الأشخاص الذين يعتمدون على تلك الخدمات الإنسانية، حيث يمكن أن يكون للتغيير في الثقافة والسلوك تأثير إيجابي على الجميع.


إرسال تعليق

أرحب بمساهمتك | آرائكم مهمة وقد تكون ملهمة!
تتم مراجعة التعليقات قبل النشر.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكز) لضمان حصولك على أفضل تجربة خلال زيارتك، وتذكر تفضيلاتك.
فقدت الإتصال بالانترنت!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت والبدء في التصفح مرة أخرى.